المقال الذي أبكى زينب العسكري!
فيما انتقد بعضهم استحواذها معظم المشاهد
زينب العسكري: ألا يحق لي الظهور المكثف وأنا أؤدي ثلاثة أدوار؟
الوقت - سوسن فريدون
لم يثنِ سيل الأقاويل التي ترددت حول عدم أحقيتها بنسب قصة مسلسل"عذاري" لنفسها، وأنها تعود أساسا للمؤلف أحمد الفردان والمخرج محمد القفاص، لم يثنِ الممثلة والمنتجة زينب العسكري من عزمها على الكتابة، فبدت تجربتها الثانية "بلا رحمة" أنضج فنيا.
وبينما انقسم الجمهور حينها إلى مصدق ومكذب لزينب العسكري في مسلسل "عذاري"، باكورة نتاجات مؤسستها "بنت المملكة للإنتاج الفني"، يعود المشهد للطفو مجددا على السطح في المنتديات الإلكترونية. فثمة من رأى أن "(بلا رحمة) يتناول قصصا لم تطرح من قبل، ما يوحي بأنها التجربة الأولى لزينب العسكري في الكتابة".
وإن كانت الغالبية تجمع على أن "عذاري" هو امتداد لمسلسل "هدوء وعواصف" الذي ألفه أحمد الفردان ومحمد القفاص، فإنه يقتضي الإشارة إلى أنه لم يتم هضم حقهما في شارة "عذاري"، إذ ورد في الشارة أن السيناريو والحوار يعودان لهما، في حين أن صاحبة القصة هي زينب العسكري.
هل تلاعب الفردان والقفاص بأحداث القصة، عبر السيناريو والحوار، ليتماشى مع رؤيتهما وحسهما الفني، وبالتالي يحق لهما نسب القصة لنفسيهما وإبراء ذمتهما أمام الجمهور؟
ولكن – في الوقت ذاته – ما الذي يدفع زينب العسكري لقبول ذلك؟ أم أنها قبلت ذلك على مضض نتيجة الوقت الذي كان يزاحمها دون أن تدرك العواقب الوخيمة التي ستجنيها؟ فحتى اليوم الأخير الذي يسبق شهر رمضان، العام الماضي، كانت فاطمة المير مديرة أعمالها تتنقل ما بين المطارات لتسليم الحلقات أصحاب القنوات التي ستعرض المسلسل.
ما يحتسب نقطة لصالح زينب العسكري، هو مباشرتها العمل فورا على "بلا رحمة" وكأن شيئا لم يحدث. فلم تلجأ لاستراحة المحارب بانتظار أن ينصفها أحد.. جمهورًا أو قضاء.
وبالحديث عن "بلا رحمة"، تنصب إسقاطاته والمواقف التي تتعرض لها الشخوص في قالب انعدام الضمير والرحمة. كما نوهت إلى ذلك زينب العسكري في شارة المسلسل التي تتصدرها بقولها "مهما انعدم الضمير فينا، تبقى رحمة رب العالمين أقوى من قلوب بلا رحمة".
محور المسلسل هو سيدة الأعمال فجر (زينب العسكري)، وابن عمتها جاسم (إبراهيم الزدجالي)، الذي يسعى للتقرب منها بشتى الطرق، إلا أن إدمانه الشرب بقي حاجزا يحيل تقربه منها. فلا يكاد يمر حدث سعيد في حياة فجر دون تدخل جاسم سلبا. بدءا من إفشاله علاقاتها العاطفية، حتى تسول له نفسه أخيرا بالإعتداء عليها لمنعها من الارتباط بغيره، غير أن الثمالة تجعله يعتدي على شقيقتها (ود) – وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة – ووفاتها، ما يقود فجر لإدمان المخدرات دون علمها.
وفي خضم الأحكام التي صدرت على المسلسل في حلقاته الأولى، هناك من رأى أن "دور زينب العسكري في المسلسل مكرر. كما يستحيل أن تجازف بجعل الجمهور يكرهها، كأن يكرهها جاسم وينتقل هذا الشعور إلى محبي الفنان إبراهيم الزدجالي".
بقي جاسم محبا لفجر، بينما كرهه الجمهور وتعاطف مع فجر. إلى ذلك، فوجئ المشاهدون بتحولات متسارعة في شخصية فجر في الحلقات الأخيرة. أولها إدمانها المخدرات، وهنا نشيد ببراعة زينب العسكري في أداء تلك المشاهد، التي تبرز فيها قدرات الممثل، ما يؤكد أن لا عداوة بين الجمال والموهبة.
زينب العسكري: فجر تشبهني إلى حد كبير
وقالت العسكري في لقاء تلفزيوني أجرته قناة عمان معها إن "شخصية فجر ليست مثالية (..) وهي تشبهها إلى حد كبير، خاصة فيما يتعلق بحزمها في اتخاذ بعض القرارات".
تلى إدمان فجر للمخدرات نتيجة حادث الإعتداء الذي تعرضت له شقيقتها ود وأدى إلى وفاتها، تغيرا في مسار الشخصية. فباتت أكثر عنفا وقسوة سيما مع ابن عمتها جاسم، الجاني على شقيقتها.
ورغما من عداء فجر الشديد لجاسم، شكل الاثنان ثنائيا جميلا أوقع الجمهور في حيرة من أمره نتيجة التحول في مسار القصة.. مع أيهما يتعاطف؟ فضلا عن كون المسلسل سلسلا بعيدا عن التعقيدات، ولربما أسهم التركيز على هاتين الشخصيتين بالدرجة الأولى في ذلك.
غير أن شخصية فجر ما تلبث أن تعود إلى ما كانت عليه في الدقائق الأخيرة من الحلقة الأخيرة. ويمكن تلخيصها بالعبارة التي ظهرت على الشاشة في النهاية، موقعة باسم زينب العسكري، "رغم الظلم.. رغم القسوة.. رغم الألم.. ستبقى القلوب الرحيمة تنبض للأبد".
أحدهم قال "الرحمة يا زينب من جنون العظمة الذي أنتِ فيه (..) فاتن حمامة لم تفعل ما فعلتيه (..) تريدين تولي الإنتاج والتأليف والتمثيل ولم يبق سوى أن تغني المقدمة وتخرجي المسلسل (..) اتركي الكتابة لأهلها".
رغما من أن التهكم واضح في الاقتباس السابق، ولكن لمَ؟ ألا يحق لزينب العسكري وغيرها من الممثلات أن يخلقن لأنفسهن رقما صعبا في الدراما الخليجية؟
يشار أن لزينب العسكري تجارب سابقة في الكتابة للطفل، إذ قامت بتأليف وإخراج مسرحيات للطفل، إلى أن انتقلت حديثا لمجال الكتابة الدرامية.
لِمَ يمتعظ البعض من طموحها الفني وسعيها لتعزيز نجوميتها، واصفين ذلك "نرجسية وحبا للظهور" حسب تعبيرهم؟ هل لأنها فعلت ما عجزت عنه ممثلات جيلها؟
تقول العسكري "بصراحة لا أعلم سبب هذه المحاولات لإلغاء جهدي في الحفاظ على اسمي الذي لم أكون له هذه القاعدة الجماهيرية إلا بعد مشوار طويل واختيار دقيق للأدوار التي أقدمها".
وتضيف "شعور محزن أن هذا التعب لا يقدر ولا يجد سوى الهجوم من قبل البعض في مجالي (..) كم أتمنى أن يفرحوا لنجاحي كما أفرح لنجاح أي فنان أو فنانة".
غير أن هناك ثمة من تستمع لهم زينب العسكري ليقينها بخوفهم عليها كفنانة تسعى أن تحقق نجاحات للبحرين. ولذلك فهي تبين "مدى سعادتها بالنجاح الذي حققته علاوة على نجاحها في إنتاج أعمال ضخمة وهادفة".
ما يُضاف لها أيضا، هو دمجها لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة في المسلسل. لم يكن إشراك هذه الفئة لمجرد إظهار فئة حساسة في المجتمع لربما طالها التهميش وبالتالي الإشادة بهذه البادرة، بقدر ما كان السعي لإيصال ضعف هذه الفئة وعجزها عن الدفاع عن نفسها. وهو ما برز في مشهد إعتداء جاسم على ود (الطفلة لميس بو حسين)، وهو في حالة سِكر، معتقدا أنها فجر.
لطالما اُتهمت الدراما الخليجية في السنوات الأخيرة بالجرأة. و"بلا رحمة" به جرعة من الجرأة إنما دون ابتذال. وكانت "الجرأة في الحوار" هو الوصف الذي أجمع عليه النقاد والفنانون في الندوة الحوارية التي أقامها مسرح أوال البحريني حول الدراما المحلية في شهر رمضان.
عن مشهد الإعتداء قالت العسكري في لقائها مع التلفزيون العماني إن "هذا المشهد من المحببة لنفسي، وقد شاهدته أربع مرات ليلة عرض الحلقة (..) لقد نشأ بين فريق العمل والطفلة لميس بو حسين علاقة حميمة، حتى إن اليوم الذي لا تتواجد فيه بموقع التصوير يغدو كئيبا".
ووصفتها بأنها "طفلة معجزة ومشروع نجمة، فضلا عن حماسها في تصوير مشاهدها وارتجالها الحديث بعفوية دون أن يُطلب منها ذلك". ما جعل الطاقم يُبقي الأحاديث الخارجة عن النص أثناء المونتاج.
ألا يحق لها الظهور المكثف كونها تؤدي ثلاثة أدوار؟
إحدى المفارقات حول المسلسل هو اتهام زينب العسكري تارة بأنها تستحوذ على معظم الأحداث والمشاهد، وتارة أخرى يُقال أن ثمة مواقف تم إقحامها ولا ضرورة لها.
وردا على سؤال مقدم برنامج "رمسه" العماني حول ما يتردد عن إقحامها بعض المواقف، كالتي تمر بها مدربة السياقة ومشهد الاعتصام، أوضحت أن "هذه المواقف مستوحاة من الواقع، وأحبت دمجها في المسلسل في قالب كوميدي سيما وأن أبرز مآخذ (عذاري) هو السوداوية والحزن".
وأضافت متساءلة "ألا يحق لي أن أظهر في بداية ومنتصف ونهاية الشارة مثلا؟ فأنا أقوم بثلاثة أدوار في العمل بدءا من التأليف ومرورا بالبطولة وانتهاءا بالإنتاج (..) ناهيك عن إنني لم أهضم حق أحد في العمل".
ويلقي المسلسل الضوء على ظاهرة دخول الفتاة مجال التمثيل، وما يمكن أن تتعرض له من مضايقات تصل إلى تلفيق الشائعات وترويج مقاطع الفيديو المفبركة عبر "البلوتوث". إضافة إلى النصب والاحتيال على المسنات الثريات. كما تحدثت الفنانة عبير الجندي في الحلقات الأخيرة عن المرأة المحجبة ونظرة المجتمعات الغربية لها، بوصفها في المسلسل أستاذة جامعية محجبة تسافر إلى فرنسا بغية إكمال دراساتها العليا.
وبالانتقال إلى الرؤية الإخراجية للمسلسل، فقد صرح المخرج محمد سلمان في العدد 164 من صحيفة "الوقت" البحرينية بأن "زينب العسكري لم تكن مرنة في تقبل الملاحظات. كما تم التصوير في بعض المواقع غير الملائمة فنيا".
ويُرجع ذلك "إلى أن خبرتها درامية أكثر من كونها إنتاجية"، ما جعله يتمنى مساحة أكبر للتصرف بحرية، رغما من التزامه برغبتها بغية خدمة العمل لا خدمة نفسه كمخرج. غير أن النقاد والفنانين، في ندوة مسرح أوال، أثنوا على الرؤية الإخراجية للمسلسل، معتبرين ذلك "خطوة جيدة في مسيرة محمد سلمان الإخراجية".
اتمنى ان نالت اعجابكم